لقد أثبتت زراعة الأسنان خلال السنوات الأخيرة أهميتها كخيار علاجي مثالي في حالات فقدان الأسنان. فهي ليست فقط حلاً طويل الأمد، بل تمنح المريض ابتسامة طبيعية وثقة متجددة.
إلا أن سؤالًا يتكرر كثيرًا بين المرضى: "كم عدد زراعات الأسنان التي يمكن إجراؤها في جلسة واحدة؟" من الطبيعي أن يرغب المريض باستعادة ابتسامته بسرعة، لكن من المهم أيضًا معرفة أن هناك حدودًا فسيولوجية يجب احترامها. في هذا المقال سنتناول العوامل التي تحدد الحد الأقصى للزراعات الممكنة في الجلسة الواحدة، وتقنيات الزرع المختلفة.
تقنيات زراعة الأسنان
تختلف تقنيات الزراعة باختلاف المدة بين خلع السن وزراعة الغرسة، ويمكن تلخيصها في ثلاث طرق رئيسية:
1. التقنية الفورية – التحميل الفوري للزرعة
يتم فيها زرع الغرسة مباشرة بعد خلع السن في نفس الجلسة. ومن أهم مميزاتها:
- تقليل فترة الانتظار.
- تقليل التدخلات الجراحية وبالتالي تقليل الصدمات.
- نسب نجاح مثبتة مماثلة للتقنيات التقليدية.
لكنها ليست مناسبة لجميع الحالات، إذ يجب التأكد من جودة العظم وعدم وجود التهابات. لذلك يلزم فحص شامل بالأشعة والتقييم السريري قبل اتخاذ القرار.
2. التقنية المبكرة – الزرع بعد فترة قصيرة من الخلع
في هذه التقنية، تُزرع الغرسة بعد فترة وجيزة من الخلع، ما يمنح أنسجة اللثة فرصة للشفاء الأولي. وهي حل وسط بين السرعة والحذر، وتُستخدم عندما لا يُنصح بالتحميل الفوري ولكن المريض يحتاج إلى تسريع خطة العلاج.
3. التقنية التقليدية
الأكثر شيوعًا واعتمادًا، حيث يتم الانتظار فترة كافية بعد الخلع (تقريبًا 6 أشهر) قبل الزرع. هذا يتيح شفاء كامل للعظم واللثة وضمان أفضل اندماج عظمي. ورغم أنها تطيل مدة العلاج، إلا أنها الخيار الأكثر أمانًا خصوصًا مع الحالات المعقدة أو التي تعاني من ضعف في العظم أو أمراض مزمنة.
كم عدد زراعات الأسنان الممكنة في جلسة واحدة؟
لا يوجد رقم ثابت، فالقرار يعتمد على حالة المريض والطبيب. بشكل عام يمكن تقسيم الحالات كالتالي:
زرعة واحدة
في حالة فقدان سن واحد، تُزرع غرسة واحدة فقط، لضمان دقة عالية وشفاء مثالي. وإذا كان هناك أكثر من سن مفقود في أماكن متفرقة، يحدد الطبيب ما إذا كان من الممكن زرعها جميعًا في جلسة واحدة بناءً على راحة المريض وحالته الصحية.
زراعات متعددة (جسور مدعومة بالزراعة)
عند فقدان عدة أسنان متجاورة، قد يقترح الطبيب جسرًا ثابتًا مدعومًا بزراعتين أو أكثر. في أغلب الحالات يمكن إجراء هذه الزراعات في جلسة واحدة إذا سمحت الظروف السريرية.
تعويض كامل للفك – تقنية All-on-4 أو All-on-6
وهي من أحدث تقنيات زراعة الأسنان الشاملة، حيث يتم تعويض الفك الكامل (القوس السني) باستخدام 4 إلى 6 غرسات فقط. تُستخدم عادةً في حالات فقدان جميع الأسنان، ويُعالج قوس واحد في كل جلسة. كما تُجهز تركيبات مؤقتة ليحافظ المريض على ابتسامة طبيعية إلى حين تركيب التعويض النهائي.
العوامل المؤثرة في عدد الزراعات الممكنة في جلسة واحدة
صحة الفم واللثة
الحالة العامة للفم هي العامل الأساسي. إذا كانت اللثة صحية وخالية من الالتهابات، يكون المريض مرشحًا جيدًا لزراعة أكثر من غرسة في جلسة واحدة.
كثافة العظم
يُعد العظم قاعدة الغرسة، لذلك يجب أن تكون كثافته كافية. ويتم تقييم ذلك عبر الأشعة المقطعية (CT Scan). كلما كانت الكثافة أفضل، زادت إمكانية إجراء زراعات متعددة في نفس الجلسة.
التاريخ الطبي للمريض
الأمراض المزمنة مثل السكري أو أمراض المناعة قد تؤثر على شفاء اللثة والعظم، وبالتالي تحدد إمكانية وعدد الغرسات الممكنة في الجلسة الواحدة.
الخلاصة
لا يوجد عدد محدد ينطبق على جميع المرضى عند الحديث عن زراعة الأسنان في جلسة واحدة. فالأمر يعتمد على تقييم شامل لحالة الفم، كثافة العظم، والتاريخ الطبي للمريض. الطبيب المختص هو من يحدد الخطة المثالية لتحقيق أفضل النتائج بأمان.
باختصار: قد تتراوح الزراعات من غرسة واحدة إلى 4–6 غرسات في جلسة واحدة، خصوصًا عند تطبيق تقنية All-on-4 أو All-on-6. القرار النهائي دائمًا ما يكون نتيجة تعاون بين الطبيب والمريض لضمان ابتسامة صحية وطبيعية على المدى الطويل.
Sources Narang, S., Narang, A., Jain, K., & Bhatia, V. (2014). Multiple immediate implants placement with immediate loading. Journal of Indian Society of Periodontology, 18(5), 648–650. Rattanapanich, P., Aunmeungtong, W., Chaijareenont, P., & Khongkhunthian, P. (2019). Comparative Study between an Immediate Loading Protocol Using the Digital Workflow and a Conventional Protocol for Dental Implant Treatment: A Randomized Clinical Trial. Journal of Clinical Medicine, 8(5), 622. Testori, T., Weinstein, T., Scutellà, F., Wang, L., & Zucchelli, G. (2018). Implant placement in the esthetic area: Criteria for positioning single and multiple implants. Periodontology 2000, 77(1), 176–196.